«الجريمة».. معاناة جديدة أمام العراقيين
«أبي، أعطهم المال. إنهم يضربونني». كانت هذه الكلمات الأخيرة التي صرخها محسن محمد محسن، العراقي ذو الأحد عشر ربيعا، لأبيه الميكانيكي عبر الهاتف، بعدما طلب خاطفوه فدية بقيمة 100 ألف دولار، في مهلة لا تتعدى اليومين. عندما لم يستطع والد محسن جمع المبلغ قبل انقضاء المهلة، لم يتوان الخاطفون عن تقطيع رأسه ويديه، ورمي جثته في المهملات.
قد تكون ملامح أسوأ حمام دماء طائفي في تاريخ العراق متجهة إلى الاضمحلال، لكن العراقيين يواجهون اليوم تهديدا جديدا لحياتهم: موجة جنونية من الجرائم العنيفة. وبين المجرمين، كثيرون ممن يعتقد أنهم متمردون سابقون لهم خبرة في القتال، لا يتمكنون من العثور على وظيفة شرعية، فيظهرون في جرائمهم الدرجة نفسها من الوحشية التي أظهروها خلال الاقتتال المذهبي في العامين 2006 و2007، حين كادوا أن يجروا البلاد إلى حرب أهلية.
والنتيجة، موجة من السرقات، والسطو المسلح، تضرب المنازل، والسيارات، ومحلات المجوهرات، وأماكن صرف العملات، والمصارف. كما يبقى الخطف، نقطة مشتركة ومرعبة بين اليوم وذروة الاقتتال المذهبي، بفارق أن الأطفال يصبحون أكثر فأكثر أول المستهدفين، بينما يبحث الخاطفون عن فديات مالية لا عن تلبية منطلقات مذهبية.
في حي السيدية في جنوب بغداد، تعلق صور الأطفال المفقودين على أعمدة الكهرباء، والجدران الخرسانية التي تسيّج مناطق عديدة من العاصمة المخترقة بآثار القذائف، بينما تندر الارقام التي تحصي أعداد الجرائم وأنواعها، ويعود ذلك جزئيا لتركيز الحكومة على التفجيرات وهجمات المتمردين الأخرى، التي ما زالت تضرب بغداد وشمال العراق.
لكن الجرائم أصبحت اليوم هاجسا أساسيا من هواجس العراقيين، كما الاحتلال والحرب، ونقص الكهرباء والماء. وللتأقلم مع هذا الوضع، يتجه بعض أصحاب الأعمال إلى استخدام مزيد من الحراس، أو حتى إخراج أموالهم من المصارف العراقية.
ويقول المتحدث باسم الجيش العراقي، الجنرال قاسم الموسوي، أن التحقيقات وجدت، أن 60 إلى 70 في المئة من النشاط الإجرامي، تقوم به مجموعات سابقة من المتمردين، او عصابات ترتبط بها، ويضيف: «بعد النجاح الذي حققته قواتنا في تضييق الخناق على المتمردين، نرى أن بعضا منهم يتجه لتشكيل عصابات إجرامية منظمة جيدا»، لكن يبدو أن عناصر في القوى الامنية العراقية ضالعة أيضا في الجرائم.
ففي شهر آب الماضي، اقتحم مسلحان منزل جارهم في بغداد، ليقتلا أبا وابنة له لم تتجاوز عامها الاول، ويسرقا خمسة ملايين دينار عراقي، أي حوالي 4 آلاف و300 دولار، وبعض المجوهرات. وعند اعتقالهما في اليوم التالي، تبين أن أحدهما جندي سابق غادر صفوف الجيش منذ سبعة شهور. أما في شهر تموز، فاقتحم عناصر من الحرس الرئاسي مصرف الرافدين الحكومي ليسرقوا منه حوالي 5 ملايين دولار، بعد أن اعدموا ثمانية حراس.
إلى ذلك، قرر رجلا الأعمال، صابر حسن وعلاء الموسوي، أن يتخذا احتياطات جديدة، باستخدام مزيد من الحراس، ويقول حسن: «الأشهر الأربعة الأخيرة كانت مخيفة لجهة عدد الجرائم، اما الموسوي الذي سحب معظم أمواله من المصرف إلى مكان سريّ خاص فيقول: «ما يغذي الخوف في داخلنا، ويزيد من قلقنا، هو أن بعــض هذه العصابات ينتمي إلى صفوف القوى الأمنية».
( أ ب
Living Room Design
9 years ago
No comments:
Post a Comment