ألف عام على اختفاء جوزف صادر
عمر نشّابة
خرج المهندس إلى مكان عمله ولم يعد. مرّت 24 سنة في يوم واحد ولم يعد.
ماذا تفعل سلمى؟ ماذا تقول لابنها وابنتها عن طول غياب والدهما؟ إلى من تلجأ؟
ألف عام من الانتظار. لحظات أمل. وساعات حزن لا تنتهي. لكن ربما كان أسوأ ما يخترق الصمت الرهيب تلك الأخبار الكاذبة التي تتحوّل إلى مفاجآت سارّة يطول التفكير فيها دون أن تتحقّق.
يعدها الرئيس والصديق والوزير والضابط ببذل المستحيل. لكنّ المستحيل يبدو غير كاف لكشف مصير مواطن اختفى على طريق المطار. الطريق نفسها التي يسلكها الآلاف ليسافروا إلى مكان ما ويعودوا ربما في يوم ما.
لكنّ جوزف لم يسافر. أيعني ذلك أنه لن يعود؟ ربما تسأل سلمى نفسها: هل كان عليه أن يسافر ويأخذنا معه إلى بلد آخر نعود منه لاحقاً إلى مغدوشة؟ ربما بزورق عن طريق البحر. لا يبتعد الشاطئ عن قرية جوزف سوى كيلومترات قليلة.
بماذا فكّرت سلمى عندما شاهدت عائلات ضحايا الطائرة الإثيوبية في اليوم الأول بعد سقوطها؟ مرّ أحباؤهم بالطريق نفسها التي مرّ بها جوزف. رحلوا. ومنهم من عاد ليوارى في الثرى. ولم يعد آخرون، وربما لن يعودوا، لكنّ جوزف لم يسافر ولم تسقط طائرته في البحر. بقي هناك، في لحظة أمل اليوم الأول. فإلى أي اتجاه تلتفت سلمى عندما تشتدّ دقات قلبها؟ لن تذهب إلى ساحل خلدة لتمسك بأيدي زوجات ينتظرن انتشال أحبائهن من البحر، ولن تفتش عن حطام طائرة. بل لا بحر ولا برّ ولا جوّ تفتّش فيها عن جوزف.
تمشي وتمشي حتى الكوكودي، حيث بدأ ليلها ولم ينته.
ولا رحمة في زمن تضيع فيه حقوق الناس على عمق مئات الأمتار. ولا سبيل للسيدة صادر إلا بتمديد الصبر بقدر عمق آلامها والتحديق إلى عيون المسؤولين.
Living Room Design
9 years ago
No comments:
Post a Comment